كلمة معالي وزير الإتصالات بطرس حرب

 

كلمة معالي وزير الإتصالات بطرس حرب ممثلاً فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان في إفتتاح مؤتمر عرب نت الرقمية 2014

شرفني فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وكلفني بتمثيله في هذا الحدث التكنولوجي الهام الذي يقام في لبنان للمرة الخامسة على التوالي، ويسعدني أن أنقل إليكم تحيات فخامته، ولاسيما إلى القيمين على هذا المؤتمر والمشاركين فيه، وتقديره للخلاصات العلمية والتكنولوجية الرائدة التي عوّدنا هذا المؤتمر عليها، مساهماً بذلك في إغناء الإقتصاد المعرفي في الدول العربية.

 

  أيها الحضور الكريم،

 نلتقي اليوم مع نخبة مختارة من أصحاب كفاءات عربية وأجنبية ساهمت بأبحاثها وثقافتها وعلمها في نهضة الإقتصاد الرقمي ، في زمن تزداد الأسئلة عن سبب قصور الحكومات خصوصاً في العالم العربي في مواكبة التطورات المذهلة في عالم الاتصالات.

 ونتساءل هل من المنطقي أن تبقى الحكومات متأخرة عن مواكبة العصر الرقمي فيما الشباب والقطاع الخاص يحلّقون فيه؟

 هل من المسموح أن يبقى مشروع قانون العقود الالكترونية مثلاً دون إقرار حتى اليوم، مع ما للتأخير من تأثير على الحركة التجارية المحلية والعالمية ، فيما توقيع  إلكتروني من هنا كفيل باختصار سفر بالطائرة إلى أي نقطة في العالم لإتمام معاملة أو إنتظارها لتصل بالبريد أياماً.

 إن الإقتصاد المعرفي يقلص من نسبة البطالة، خصوصاً لدى الشباب، إذ أنه ثبت أنه استوعب في عامي 2011 و 2012 ما نسبته 25% من حجم الإقتصاد الأوروبي. إلا أنه، وبالرغم من ثبوت مردود هذا الإقتصاد الكبير نرى شباب لبنان يضطرون إلى مغادرة بلدهم وأهلهم، يحملون شهاداتهم وكفاءاتهم العالية ويهاجرون لإغناء هذا الإقتصاد بعلمهم.

 ففي السنوات الأخيرة، حاول لبنان تحقيق هدف التحديث، بأن أصبح المنصة الرقمية الأساسية في الشرق الأوسط، وأن يطور بناه التحتية ليكون في العام 2015 في مصاف الدول الرائدة في هذا القطاع من خلال إبداء الدولة اللبنانية إهتماماً كبيراً في هذا المجال،  فوضعت المشاريع، كمشاريع الألياف البصرية والبوابات الدولية International Gateways والـ IP/MPLS للهاتف الثابت، والكابل البحري الكسندروس لزيادة كبيرة في السعات الدولية بلغت 700 جيغابايت، إضافة إلى كابل IMEWE، فضلاً عن الجيلين الثالث والرابع في الهاتف الخلوي. كما وضعت الإطار التنظيمي للمناطق الرقمية، الإطار القانوني للتعرفات التفضيلية، إمتياز ولوج هذه المناطق إلى البنى التحتية، وهي ما يؤمل منها أن تصبح مصانع للخدمات الرقمية ذات القيمة المضافة، وبالتالي مؤهلة لخلق فرص العمل. ومما لا شك فيه أن اللبنانيين، وزوار لبنان، يشعرون بمدى نتائج الإستثمارات في قطاع الإتصالات، إذ أصبح عدد المشتركين في شبكتي الخلوي ثلاثة ملايين وثمانماية ألف مشترك، كما زادت سرعة الإنترنت على شبكة الهاتف الثابت كما على الشبكة الخلوية، وإن شاء الله سيكون الإزدهار أكبر مع شبكة الألياف البصرية التي تعمل بسرعة، على أن تتمدد تباعاً إلى المناطق اللبنانية لتعم خدمة الDSL كل لبنان، كما مع الجيل الرابع.

 

السيدات والسادة

 إن شبابنا، المبدع في العالم الرقمي وعالم المعلوماتية والإتصالات، الذي يضع كفاياته وطاقاته في سبيل المجتمع، سواء في لبنان أو في العالم، سيظل على الهمة ذاتها وستتضاعف إبتكاراته وخدماته التقنية من لبنان إلى العالم، ما يمكن لبنان من تجديد البناء على هذا الإقتصاد.

 ولا بد هنا من التنويه بأن لبنان قد أطلق في الفترة الأخيرة، ولمواكبة التطورات المتسارعة في مجال الأعمال على الإنترنت، العديد من المناطق الإقتصادية المخصصة لتكون محطات رقمية يجتمع فيها أصحاب الشأن، مزوّدين ومشغّلين ومبرمجين ومطوّرين ومستثمرين ومبادرين لوضع لبنان في مصاف الدول المتقدمة في مجال تقديم الخدمات الرقمية، ونذكر من هذه المناطق منطقة بيروت الرقمية  Beirut Digital District - BDD      التي تم إطلاقها مؤخراً في قلب العاصمة بيروت.

 واسمحوا لي أن أتوقف عند مشروع إطلاق المنطقة الإقتصادية الحرة في قضاء البترون، والتي نتعاون لتحقيقها مع الرابطة المارونية وأبرشية البترون المارونية، التي أعلنت عن إستعدادها لتقديم الأرض للمنطقة المذكورة، لاؤكد أننا سنسعى لأن تركز هذه المنطقة الإقتصادية الحرة على الصناعات الرقمية الخفيفة والنظيفة، ما يحمي لبنان وخصوصاً قضاء البترون من التلوث البيئي، وما يخفف من شلال الهجرة طلباً للعمل نتيجة الظروف المتوفرة للإنتاج الخلاق والإبتكار والمهارة في لبنان.

 صحيح أن الطلب الخارجي أكبر من السوق الداخلي، إلا أن لبنان غني بطاقات شبابه الإبداعية ومهارتهم التقنية، ما يمكن أن يجعله مركزاً إنتاجياً في صناعة المحتوى الرقمي العربي والبرمجة والتصميم وإبتكار التطبيقات الجديدة.

 إن لبنان الذي يتمتع بإنتشار واسع لأبنائه في العالم، سوف يعوّض عن خسارته الناتجة عن هجرة شبابه بنجاحات يحصدها وطنهم الأم بشتى الطرق . فعلى سبيل المثال وليس الحصر هناك مشروع "أثير: النظارات الذكية " التي ستنافس " نظارات غوغل "، والتي أطلقها شاب لبناني مبدع في كاليفورنيا هو سليمان عيتاني الذي يرفع إسم وطنه عالياً.

 لقد أصبح العالم كله بفضل التكنولوجيا الرقمية يختزل بقبضة يد. ولا أدلّ على ذلك من الضجة العالمية الكبيرة التي أثارها إنقطاع خدمة الواتس أب لبعض الوقت ليل السبت في 22 شباط الفائت، ولاسيما حالة التذمر وخصوصاً لدى فئة الشباب، من إنقطاع التواصل، والبلبلة التي سادت والتعليقات التي أطلقت خصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي.

 

أيها السادة،

 لم يمض على تولّي وزارة الإتصالات أسابيع قليلة، في حكومة آمل أن لا تعمر إلا أسابيع معدودة أخرى، إلا أنني منذ اللحظة الأولى التي تسلمت فيها الوزارة من سلفي، عمدت إلى حل المشكلات المتراكمة المعرقلة لعمل الوزارة في مواكبة عالم الإتصالات المتطور بصورة مذهلة، وذلك ببدء إصلاح الوضع الإداري في الوزارة وإعادة روح الفريق إلى المسؤولين فيها، من خلال ترتيب البيت الداخلي وتصحيح العلاقة بين المديريات العامة في وزارة الإتصالات وبينها هيئة أوجيرو .

 ولقد صممت أن أحقق في هذه الفترة القصيرة لعمر الحكومة الخطوة الأهم بإعادة وزارة الإتصالات لخدمة كل اللبنانيين، من خلال الإلتزام بثقافة إحترام القوانين وتنفيذها، وهو ما سيؤهل هذه الوزارة لأداء دورها الوطني والتقني والإقتصادي والأمني على أفضل وجه ولكي نستطيع مواكبة حركة التطور السريعة التي تواكب عالم الإتصالات.

 وإنني إذ أشكر منظمي هذا المؤتمر،أحمل إليكم تمنيات فخامة رئيس الجمهورية بالنجاح ببلوغ الأهداف التي تسعون لتحقيقها وفي إبراز وجه لبنان الحضاري.

 عشتم

وعاش لبنان